السؤال:
شيخ محمد، هذه الرسالة التي بين أيدينا وردتنا من محمد سليمان من بلاد العرب يقول: إذا مات الميت والذهب في فمه؛ كأن يكون ضرساً أو أسناناً هل يجوز قلع الذهب أم يبقى في الميت ويدفن معه في قبره؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين. قبل أن أتكلم عن الجواب عن هذا السؤال أود أن أقول: إن مما ابتلي به كثير من الناس اليوم استعمال الذهب مع تحريمه، فكثيرٌ من الرجال الآن نجدهم يستعملون الذهب في الخواتم والسلاسل والأسنان، وهذا حرامٌ عليهم ولا يجوز لهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم التختم بالذهب على الرجل حتى شبهه عليه الصلاة والسلام بالجمرة يلقيها الإنسان في يده، وأخبر أن الذهب والحرير حرام على ذكور أمته، وبين الله تبارك وتعالى في القرآن أن الحلية من خصائص النساء ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ فالرجل ليس بحاجة إلى أن يكمل جماله بلباس الذهب؛ لأن مهمته ليست بالتجمل لغيره الذي يكون فيه داعية إلى نفسه، فمهمته أسمى وأعلى من أن يحط نفسه إلى درجة النساء اللاتي يتحلين بالذهب ليتجملن به أمام أزواجهن. ولا فرق بين لباس خاتم الذهب على الرجل بين أن يقصد به ما يسمى بالدبلة. والدبلة التي يفعلها الخاطب أو المتزوج بالنسبة لزوجته حيثما يبدو فيها محظوران: أحدهما التشبه بالنصارى لأنها موروثة عنهم، والثاني اعتقادٌ فاسد حيث يكتب الرجل اسم زوجته فيما يلبسه وتكتب المرأة اسم زوجها فيما تلبسه معتقدين بذلك أنه من أسباب الرابطة بينهما أو من علامات الارتباط بينهما، وكل ذلك خرافة وعقيدة باطلة لا أصل لها ولا يجوز الاعتماد عليها ولا التأويل عليها. أما بالنسبة للأسنان فالأسنان إذا احتاج الرجل إلى أن يضع له ضرساً أو سناً من الذهب فلا حرج عليه في هذا، سواءٌ وضعه مستقلاً أو وضعه تلبيساً على شيء يحتاج إليه، وكذلك المرأة لا بأس أن تلبس السن شيئاً من الذهب لتتجمل به لزوجها وتتحلى به له، فإذا مات الميت وعليه شيءٌ من هذا الذهب فإنه يجب خلعه؛ لأن في بقائه مفسدتين: المفسدة الأولى أنه إضاعة للمال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وفي القرآن ما يرشد إليه حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً﴾. والمفسدة الثانية تفويت هذا المال على مستحقه من الورثة لا سيما إذا كانوا صغاراً، قال الله تعالى: ﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن﴾ والميت إذا مات انتقلت أمواله وحقوقه المالية إلى ورثته من بعده ﴿ولكم نصف ما ترك أزواجكم﴾. فالحاصل أنه لا يجوز إبقاء سن الذهب أو ضرس الذهب على الميت بعد موته، بل يجب خلعه، لكن إن حصل بذلك مثلى مثل ألا ينخلع إلا بانخلاع ما حوله من الأسنان مثلاً أو الأضراس، أو كان يخشى الانفجار بخلعه فإنه لا بأس أن يبقى، ثم إن كان الورثة ذوي رشد ومكلفين وسمحوا بذلك فهو لهم، وإلا فإنه إذا ظُن أن الميت قد بلي يستخرج من القبر.
السؤال:
لكن سيترتب على استخراجه من القبر أشياء أخرى، وهو قد يرى أن الميت على غير الوضع الذي وضع عليه، ثم يكون عرضةً لألسنة الناس أو من هذا القبيل.
الجواب:
الشيخ: إذا احتيج إلى نبش القبر في هذه المسألة أو غيرها؛ فقد يقع مثلاً من إنسان حول القبر حين الدفن مثلاً شيء ثمين ونحتاج إلى نبشه لتسليمه لصاحبه، وقد يوجه الميت إلى غير القبلة جهلاً فنحتاج إلى نبشه لنوجهه إلى القبلة. المهم إننا إذا احتجنا إلى نبشه فليس بمانعٍ أن يخشى أن يكون على غير الصفة المرغوب فيها؛ لأننا في هذه الحال نقول: لا يتولى نبشه إلا أناس أهل دينٍ وفكر وثقة، يتولون ذلك، فهذا لا يضر. ثم إن هذه المسألة احتمال، أليس كذلك؟ وبقاء المال في القبر مفسدة محققة، ولا يترك الشيء المحقق لوجود شيء محتمل.
السؤال:
إذاً الأجدر أن يترك الميت لمدة ساعات مثلاً حتى يتأمل من يريد خلع الضرس من انفجار دمٍ أو مثله؟
الجواب:
الشيخ: هذا يرجع إذا ما كان يمكن أن ينتظر ساعة أو ساعتين وتمكنا من خلعه دون مثلى فلنفعل إذا ما أمكن على ما قلنا أولاً.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية