السؤال:
رسالة بين يدينا وردتنا من المخلص أخوكم محمد عبد الرحمن سيف من المحرق بالبحرين يقول: أرجو عرض هذه الأسئلة على فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله، وهي كما يلي: اعتمرنا في شهر رمضان الفائت، وقد أحرمنا قبل وصول الطائرة مطار الملك عبد العزيز بنصف ساعة -ربما يقصد مطار جدة- أو أكثر، فما حكم هذا الإحرام؟ وما هو ميقات أهل الخليج العربي؟ وكيف يحرم المسافر بالجو؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وبعد؛ فإن الجواب على هذا السؤال نقدم قبله مقدمة وهي أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يعمل عبادة أن يفهم أحكامها أولاً قبل أن يتلبس بها؛ لئلا يقع في محظورٍ منها أو في ترك واجب؛ لأن هذا هو الذي أمر الله به. فاعلم أنه لا إله إلا الله، واستغفر لذنبك، فابدأ بالعلم قبل العمل، اعلم واستغفر. ثم إن هذا هو الواقع النظري العقلي، أن يعرف الإنسان طريق البلد قبل أن يسير عليه، ولا يختص هذا بالحج والعمرة اللذين يجهل كثيرٌ من الناس أحكامهما، بل يتناول جميع العبادات، ألا يدخل الإنسان فيها حتى يعرف ما يجب فيها وما يمتنع. وأما بالنسبة لما ذكره الأخ السائل فإن الإحرام قبل الوصول إلى مطار الملك عبد العزيز الذي هو مطار جدة الجديد بنصف ساعة يبدو أنه إحرامٌ صحيح؛ لأن المواقيت لا نظن أنها تتجاوز نصف ساعة بالطائرة من مطار جدة، فعلى هذا يكون إحرامهم بالعمرة قبل الوصول للمطار بنصف ساعة إحراماً صحيحاً ليس فيه شيء إن شاء الله. وأما بالنسبة لميقات أهل الخليج فإن ميقات أهل الخليج هو ميقات غيرهم، وهي المواقيت الخمسة التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أتى إلى مكة يريد الحج أو العمرة؛ وهي ذو الحليفة المسماة أبيار علي لأهل المدينة ولمن مر بها من غيرهم، والجحفة وهي لأهل الشام ولمن مر بها من غيرهم، وقد خربت الجحفة وصار الناس يحرمون بدلاً عنها من رابغ قرن المنازل لأهل نجد ومن مر بها من غيرهم، يلملم لأهل اليمن ومن مر بها من غيرهم، وتسمى الآن السادية، وقرن المنازل يسمى السيل ذات عرق لأهل العراق، وقتها عمر رضي الله عنه. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقتها وهي المسماة بالضريبة. هذه المواقيت لمن مر بها يريد الحج أو العمرة من أي قطرٍ من أقطار الدنيا، فإذا مر من طريقٍ لا يمر بهذه المواقيت فإنه يحرم إذا حاذى هذه المواقيت؛ لأن عمر رضي الله عنه أتاه أهل العراق وقالوا: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجدٍ قرناً، وإنها جورٌ عن طريقنا -يعني مائلة عن طريقنا-. فقال أمير المؤمنين عمر: انظروا إلى حذوها من طريقكم. فقوله رضي الله عنه انظروا إلى حذوها يدل على أنه من حاذى هذه المواقيت براً أو بحراً أو جواً فله أن يحرم، فإذا حاذى أقرب ميقاتٍ له وجب عليه الإحرام. والظاهر لي أن طرق الخليج الجوية تمر من محاذاة قرن المنازل، وهو أقرب المواقيت إليها، وإذا لم يكن ظني هذا صحيحاً فليسأل قائد الطائرة أين يكون طريقها، فإذا علم أنه حاذى أقرب ميقاتٍ إليه وجب عليه الإحرام منه. ولا يجوز لأهل الخليج ولا لغيرهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا إلى جدة، فإن هذا وإن قال به من قال من الناس فإنه قولٌ ضعيفٌ لا يعول عليه. وما ذكرناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم يدل على بطلان هذا القول، وإلا من وصل إلى جدة قبل أن يحاذي ميقاتاً مثل أهل سواكن في السودان فإن أهل العلم يقولون أنهم يصلون إلى جدة قبل أن يحاذوا رابغاً أو يلملم؛ لأن جدة في زاوية بالنسبة لهذين الميقاتين، فعلى هذا فيحرم أهل سواكن ومن جاء من هذه الناحية من جدة؛ لأنها تبعد عن مكة مسيرة يومين.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية