استبرق
  • إستبرق : ديباج غليظ أو حرير سميك منسوج بخيوط الذهب وهو لباس أهل الجنه
  • شروق الشمس 5:05 صباحا
  • غروب الشمس 7:14 مساءا
إستبرق : ديباج غليظ أو حرير سميك منسوج بخيوط الذهب وهو لباس أهل الجنه
Sec Top Mockup 2

استبرق

مسألة القضاء والقدر وانقسام الناس فيه..

شارك أصدقائك

السؤال:

هذه الرسالة وردتنا من المستمع الباحث عن الحقيقة من الجمهورية العراقية مدينة كركوك يقول في رسالته: هناك نوعان من الحياة؛ الحياة السعيدة، ولا أقصد السعادة بالمال والجاه، وإنما أقصد تلك السعادة التي تأتي من النفس؛ أي أن يكون الإنسان مرتاحاً من الناحية النفسية. ثانياً الحياة الذليلة، وأقصد به الذل النفسي؛ أي أن يكون الإنسان ذليلاً من الناحية النفسية. والسؤال: لماذا يخلق الإنسان ذليلاً في أمة الإسلام حيث قال الله تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين؟ وذكر عدة آيات منها قوله تعالى: ﴿إن الله ليس بظلام للعبيد، وعدة آيات. يقول: هل نستطيع أن نعتبر أن الذين خلقهم الله أذلاء من ناحية النفسية لم تشملهم هذه الرحمة الواسعة، ولا تزال قلوبهم ونفوسهم تعيش في الظلمات ولم ترَ النور، ونعتبر هذا ظلماً لهم من الله سبحانه وتعالى؟


الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد؛ هذا السؤال الذي سأل عنه الأخ يتعلق بمسألة عظيمة، وهي مسألة القضاء والقدر التي ينقسم الناس فيها إلي قسمين: منهم من وفق للاستقامة، ومنهم من يوفق للضلالة. وهذا هو محط الإشكال عند كثير من الناس؛ كيف يكون هذا ضالاً؟ وكيف يكون هذا مهتدياً؟ ولكننا ننبه على نقطة مهمة في هذا الباب وهي أن من كان ضالاً فإن سبب ضلاله هو نفسه، لقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ، ولقوله تعالى: ﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم حين حدث أصحابه بأن كل إنسان قد كتب مقعده من الجنة والنار، فقالوا: أفلا نتكل يا رسول الله على العمل؟ قال: «اعملوا فكل ميسر» ثم تلا هذه الآية ﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وعلى هذا فنقول: هؤلاء الذين وصفهم السائل بأنهم أذلة إنما أذلتهم المعصية، ولم يكتب لهم الهدى بسبب أنهم هم الذين تسببوا للضلالة؛ حيث لن تكون إرادتهم صادقة في طلب الحق والوصول إليه وفي العمل به بعد وضوحه وبيانه، ولو أنهم كانوا حسني النية وصادقي العزيمة لوفقوا للحق؛ لأن الحق بين ميسر ﴿فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنسيره لليسرى. فالذي أنصح به هذا الأخ ومن أشكل عليهم هذا الأمر أن يرجعوا إلى أنفسهم أولاً، ويحسِّنوا نيتهم، ويصححوا عزيمتهم حتى تكون النية سليمة والعزيمة صادقة في طلب الحق حينئذٍ وأنا ضامن أن يوفقوا له؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي وعد بذلك ﴿فسنيسره لليسرى﴾ وتأمل الآية فإنها جاءت بالسين الدالة على قرب مدخولها وعلى تحقق مدخولها أيضاً، فإن السين كما هو معلوم تدل على هذين المعنيين؛ قرب مدخولها وتحققه، ولكن البلاء من أنفسنا. وأتلو الآن أيضاً قول الله تبارك وتعالى: ﴿فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به فإن هذا النسيان يشمل الذهول الذي هو ذهول القلب عن المعلوم، النسيان هو ذهول القلب عن المعلوم، وكذلك النسيان الذي بمعنى الترك، فهم تسلب علومهم ولا يوفقون إلى العمل الصالح بسبب نقض الميثاق.

السؤال: لكن هؤلاء أذلتهم المعصية، وأيضاً ذكرتم الآية الأخيرة التي نزلت فيما أعتقد في بني يهود الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه نجد الآن من الذين ينتسبون إلى الأمة الإسلامية أذل من الذين جاهروا بالكفر وانتهجوا هذا المنهج؟


الشيخ: نعم، صحيح مثل هذا، وذلك أن الحق عليهم في الاستقامة، أؤكد من الحق على أولئك، ومعلوم أن من تدنس بالأرجاس وهو من أهل الولاية أشد ممن تدنس بها وليس من أهل الولاية، حق الله على المسلمين أعظم من حقه على أولئك الكافرين؛ ولهذا يلزمون بشرائع الإسلام، فإنه إذا تمرد كان أشد وأعظم؛ ولهذا إذا تمت النعمة على العبد صارت مخالفته أشد وأعظم، ومن ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، ومنهم الشيخ الزاني؛ لأنه لا داعي له إلى الزنا، وهو إلى الاتعاظ والبعد عن هذا أولى، فلذلك عظم إثمه. فهؤلاء الأذلة من المسلمين لأنهم يجب عليهم من حق الله سبحانه وتعالى والاستقامة أكثر مما يجب على أولئك، ولهذا كانت مخالفتهم أعظم من مخالفة أولئك، وكان الذل إليهم أقرب. وقد مثل بعض العلماء شبيه هذه المسألة بحاشية الملك والبعيدين عنه، فقال: إن مخالفة حاشية الملك للملك أشد وأعظم وقعاً من مخالفة الأباعد، هكذا المسلمون مخالفاتهم تكون أعظم من غيرهم، فلذلك كان جزاؤهم أشد من غيرهم.



النشرة البريدية

عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية


©جميع الحقوق محفوظة لموقع إستبرق 2023
Pawerd By DevelopWay

لمتابعة كل جديد أضفنا