السؤال:
شيخ محمد، هذه رسالة وردتنا من إحدى المستمعات تقول: هل يجوز للمرأة أن تقصر شعرها وتستعمل ما يسمى بالقصة، وكذلك عمل القصة على الجبين للبنات الصغار؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين ورسول رب العالمين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. من المعلوم أن شعر رأس المرأة من جمالها ومما تحظى به عند زوجها، وهذا أمر معروف لدى الناس، حتى جاءت المدنية الحاضرة التي يعشق الناس فيها كل جديد، وصاروا يتلقفون ما يرد إليهم من عادات وتقاليد، منهم من يعرضها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإن رأى في ذلك متسعاً عمل بها وإن رأى منعاً تركها، ومنهم من يتلقف هذه العادات والتقاليد على علاتها ولا يبالي أوافقت الكتاب والسنة أم خالفته. ولا ريب أن المرأة لا يشرع لها قص رأسها إلا في حج أو عمرة، تقصر من أطرافه. وأما التقصير منه في غير الحج والعمرة فإن العلماء اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال: منهم من يرى التحريم، ويقولون بأنه مثلى. ومنهم من يرى الكراهة، وهذان القولان في مذهب الإمام أحمد. ومنهم من يرى الإباحة وأنه لا بأس به، وهذا القول مقيد بما إذا لم يصل الأمر إلي حد التشبه بالرجل، بحيث تقص المرأة رأسها حتى يكون كهيئة رءوس الرجال، فإنه في هذه الحالة لا يجوز لها أن تفعل؛ لأن ذلك من التشبه بالرجال، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال. وبناء على هذا القول فإن القصة التي تكون في مقدم الرأس وعلى الجبهة لا بأس بها، ولكننا لا نرى للمرأة أن تفعل ذلك، نرى أن الأولى ألا تفعله؛ لأننا لا نحب أن نتلقف كل ما جاءنا من غيرنا، وهي أمور عادية، بل إن بقاء الإنسان على عاداته يكون أقوى لشخصيته وأبعد عن الانزلاق في عادات قد تكون محرمة في شريعتنا. ثم هو عدل على تمسك الإنسان بما عنده من عادات وتقاليد، وهذا يؤدي إلى قوته أيضاً في التمسك بما عنده من الكيانات عقيدة وعملاً وسلوكاً ومنهاجاً، ولهذا نرى هؤلاء الذين ينزلقون وراء هذه العادات ويتابعونها غير أقوياء في التمسك بدينهم، وربما يجرفهم التيار إلى أمور تتعلق بالدين والعبادة. لهذا أرى أنه لا ينبغي للمرأة -وأن قلنا بجواز ذلك- أن تستعمل هذه القصة؛ لأننا نخشى أن نكون وراء هذه الواردات إلينا. وأما بالنسبة للقصة الصغير فإننا نرى ألا تفعل أيضاً؛ لأن الصغير إذا شب على شيء وألفه استساغه بعد كبره، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع سنين وأن نضربهم عليها لعشر سنين مع أنهم لم يكلفوا بعد؛ من أجل أن يتمرنوا على فعل الطاعة ويألفوها حتى تسهل عليهم بعد الكبر وتكون محبوبة لديهم، كذلك الأمور التي ليست بالمحمودة لا ينبغي أن يعود الصغار عليها وإن كانوا غير مكلفين؛ وذلك لأنهم يألفونها عند الكبر ويستسيغونها.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية