السؤال:
شيخ محمد، في لقاء من لقاءاتنا الماضية عرضنا رسالة من عبد الرحمن عبد العزيز العبد الله السيف من بريدة شارع الصناعة، ولكن عادة يرسل لنا الأخ عبد الرحمن ويطيل -جزاه الله خيراً- في الأسئلة، فلم نتمكن من عرض بقية الرسائل. يقول: إن بعض الناس يجيء إلى المسجد ويضع نعاله أو عصاه أو أي شيء ليحمي له محلاً في الصف الأول لا سيما في يوم الجمعة، فهل هذا جائز أم لا؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام المتقين وخاتم النبيين ورسول رب العالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد؛ فإنه قبل الجواب عن هذا السؤال أحب أن أقول: إن التقدم في الصف الأول فالأول هو المشروع الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحثهم على ذلك، وقال: «ليليني منكم أولو الأحلام والنهى». أي العقول البالغين، ولكن من المقصود من التقدم هو تقدم الإنسان بنفسه إلى المسجد حتى يحصل على فضيلة التقدم. ثم إن المهم أيضاً أن يحرص الناس على تكميل الصف الأول فالأول، فإن الإنسان إذا أكمل الصف الأول فالأول صار كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم عن الملائكة وهي تصف عند الله عز وجل، ومن المهم أيضاً في هذا المقام تسوية الصفوف بمحاذاة المناكب والأكعب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تسويتها حتى خرج ذات يوم وقد عقد الصحابة عن ذلك، فرأى رجلاً بادياً صدره فقال صلى الله عليه وسلم: «عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم -أي بين قلوبكم- ووجهات نظركم». وهذا وعيد شديد فيمن لم يسوِ الصفوف. من المهم أيضاً في هذا الباب التراص بحيث لا يكون في الصف خلل وفرج، فإن الشياطين تدخل من بين المصلين إذا كان في الصف خلل وفرج. وكل هذه الأمور يخل بها الناس وذلك لقلة الوعي وقلة الإرشاد وقلة ملاحظة الأئمة ذلك، فإن كثيراً من الأئمة -نسأل الله لنا ولهم الهداية- لا يعدو أن يكرر عبارة استووا اعتدلوا استقيموا وما أشبه ذلك من غير أن يتفقد الصف بنظره ويسويه تسوية حقيقية، إذا رأى متقدماً قال تأخر، أو متأخراً قال تقدم، ومن غير أن ينظر إلى إتمام الناس الصف الأول فالأول. ومن أجل هذا صارت هذه الكلمة لا تحرك في المأمومين ساكناً ولا تهمهم، وكأنها كلمة تقال حتى أنني بلغني أن رجلاً أراد أن يصلي بشخص وليس معهما سواهما، فلما أقيمت الصلاة التفت هذا الرجل وقال استووا اعتدلوا مع أنه ليس وراءه أحد، لكنها كانت كلمة تقال. ومن هذا أيضاً أنه إذا كان إمام ومأموم ليس معهما غيرهما فإن السنة أن يقف المأموم على يمين الإمام، وأن يكون محاذياً له لا متأخراً عنه خلاف ما يفهمه بعض الناس من أنه ينبغي أن يتأخر المأموم عن الإمام قليلاً فيما إذا كانا اثنين، وليس هذا بصواب؛ لأنهما إذا كانا اثنين صارا صفاً، والصف ينبغي فيه التسوية. هذه أمور نبهت إليها وإن لم ترد في سؤال الأخ عبد الرحمن، لكنها مهمة جداً، وأول من يخاطب بها في الحقيقة الإمام. أما بالنسبة لوضع العصا والحذاء وما أشبهها في مكان الإنسان فهذا إن كان الإنسان يضعها ثم يخرج إلى بيته أو إلى سوقه ويبقى إلى قرب الصلاة ثم يأتي فهذا محرم عليه ولا يجوز له؛ لأن الأماكن المعدة للعبادة إنما هي لمن سبق بنفسه، ولهذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل: ألا نبني لك؟ يعني خيمة في منى، فقال صلى الله عليه وسلم: «منى مناخ من سبق». فدل هذا على أن الناس سواء في الأماكن المعدة للعبادة، ولا يجوز لأحد أن يتحجر منها شيئاً. أما إذا كان الذي وضع العصا أو الحذاء أو المنديل أو السجادة موجود في المسجد لكنه يحب أن يبتعد لأجل أن يراجع كتاباً أو يدرس أو يقرأ أو يصلي ثم رأى أن الصفوف قد وصلت إلى مكانه تقدم إليه وجلس فيه فإن هذا لا بأس به، ولكن يلاحظ الحذر من فعل بعض الناس بهذه الحال فإنه يضع حذاءه أو عصاه في هذا المكان ويذهب بناحية من المسجد ويتأخر إلى قرب مجيء الإمام بحيث يجيء إلى مكانه يتخطى رقاب الناس، وهذا أمر يجب الحذر منه لأنه أذية، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال: «اجلس فقد آذيت». إذن خلاصة الجواب أن نقول: إن وضع الإنسان هذه الأشياء وهو في المسجد فلا حرج عليه، لكنه يجب أن يلاحظ عدم تخطي الناس، وإن كان وضعها وخرج فإن ذلك لا يجوز.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية