السؤال:
هذه رسالة وردتنا من المستمع، يقول: أخوكم أبو محمد. يقول في رسالته هذه: ما معنى فصل الدين عن السياسة؟ وهل يجب على العالم الديني الاشتغال بالسياسة أم لا؟
الجواب:
الشيخ: فصل الدين عن السياسة يراد به أن ولي الأمر يفعل ما شاء مما يظن قيام الدولة به سواء وافق الشرع أم لم يوافقه، حتى ولو كان ذلك على حساب الدين؛ لأن الفصل معناه التميز بين الشيئين والحد بينهما. وعلى هذا فولي الأمر ينظر بما يراه مصلحاً وإن خالف الشرع، ولا ريب أن هذا قول باطل وقول خاطئ، وأن الدين هو السياسة، والسياسة من الدين، ولكننا نريد بالسياسة السياسة العادلة دون السياسة الجائرة. وأستدل على ما أقول بأن الدين الإسلامي جاء لإصلاح الناس في معاملاتهم فيما بينهم وبين ربهم وفيما بينهم وبين العباد، وجعل لله حقوقاً، وللعباد حقوقاً، للوالدين والأقربين والزوجات والمسلمين عموماً، وحتى غير المسلمين جعل لهم الإسلام حقاً معلوماً عند أهل العلم، وجعل للحرب أسباباً وشروطاً، وللسلم أسباباً وشروطاً، وجعل للجرائم عقوبات بعضها محدد وبعضها موكول إلى رأي الإمام، إلى غير ذلك مما يدل دلالة واضحة على أن الإسلام كله سياسة. وأصل السياسة مأخوذة من السايس الذي يتولى أمر الحيوان ويقوم بما يصلحه ويدفع ما يضره، هذه هي السياسة. والدين إذا تأملناه وجدناه بهذا المعنى، وأن الله تعالى يشرع لعباده من الأمور المطلوبة ما لا تستقيم حياتهم بدونه، وينهاهم عن الأمور التي تفسد بها أحوالهم العامة أو الخاصة. إذن في الحقيقة أن الدين كله سياسة، ونحن نجزم أن كل من فصل السياسة عن الدين وبنى سياسته بما يراه هو وما تهواه نفسه فإن سياسته فاسدة، وتفسد أكثر مما تصلح، وهي إن أصلحت جانباً حسبما يراه نظره القاصر فإنها تفسد جوانب كبيرة، ويدل على ذلك التأمل في أحوال هؤلاء الذين بنوا سياستهم على أهوائهم وآرائهم وصاروا مبتعدين عن الدين الإسلامي، يجد المتأمل أن هذه السياسات كلها فساد أو غالبها فساد، وأنها إذا أصلحت جانباً أفسدت جوانب. وعلى هذا نقول: إن فصل السياسة عن الدين أمر خاطئ، وأنه الواجب لمن أراد أن يصلح نفسه ويصلح غيره ألا يسوس أحداً إلا بمقتضى الدين الإسلامي.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية