السؤال:
سؤال حول التيمم: هل يلزم المسلم أن يتيمم لكل صلاة ولو لم ينتقض التيمم؟
الجواب:
الشيخ: لا يلزمه أن يتيمم لكل صلاة إذا لم ينتقض التيمم، وانتقاض التيمم يكون بوجود الماء، فإذا وجد الماء فإنه يجب عليه أن يستعمل الماء. ويكون انتقاض التيمم أيضاً لبرء الجرح ونحوه مما تيمم من أجله، فإذا برئ وأراد الصلاة لا بد أن يتوضأ لزوال المبيح. والمهم أن بطلان التيمم يكون بزوال المبيح الذي أباح التيمم، سواء كان عدم الماء فوجده، أو كان من أجل مرض ثم عوفي. وكذلك أيضاً يبطل التيمم بمبطلات الوضوء إن كان عن وضوء، ومبطلات الغسل إن كان عن غسل. وأما خروج الوقت فإنه لا يبطل التيمم، فلو تيمم لصلاة الظهر مثلاً واستمر على طهارته حتى دخل وقت العصر فإنه يبقى على طهارته ولا حرج عليه؛ لأن الله تعالى جعل التيمم طهارة، فقال بعد ذكر التيمم: ﴿ما يريد الله أن يجعل عليكم من حرج ولكن يريد أن يطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون﴾. وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرض طهوراً. والطهور ما يطهر، فقال: «وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً». فالأرض طهور والماء طهور، كما أن الماء يطهر كذلك الأرض تطهر. إذا تمت الشروط أباحت له، وفي الحديث أيضاً عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: «الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين». فسماه الرسول وضوءاً، والوضوء ما يتوضأ به ويرفع الحدث، فالتيمم مطهر رافع للحدث، وإذا رفع الحدث فإن الحدث لا يعود إلا لأسبابه وهي النواقض المعروفة.
السؤال:
أيضاً يقول المستمع: هل يجوز أن يتيمم المصلي على فرش المساجد اليوم أو على البلاط لأنه يتعذر وجود التراب الطاهر خاصة في المدن الكبيرة؟
الجواب:
الشيخ: نقول: التيمم على الأرض وما اتصل بها من الحيطان؛ لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه تيمم على الحائط. وعلى هذا فالتيمم على البلاط جائز؛ لأنه ملتصق بالأرض. وأما التيمم على الفرش فلا ينبغي التيمم على الفرش إن لم يكن بها غبار، فإنه لا يصلح التيمم عليها، وإن كان عليها غبار فإنه يصح التيمم عليها من أجل الغبار الذي هو من جنس الأرض. ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يتيمم عليها إلا إذا لم يجد شيئاً يتيمم به من الأرض وما يتصل بها من الحيطان ونحوها.
السؤال:
يقول أيضاً: هل يجوز أن يتيمم أو هناك فارق بين التيمم بدلاً من الوضوء والتيمم بدلاً من الغسل؟
الجواب:
الشيخ: ليس بينهما فرق، فإذا تيمم عن جنابة يبقى على طهارته هذه من الجنابة ولا يعيد التيمم لكل صلاة، بل لا يعيده إلا إذا أجنب مرة ثانية، فيعيد التيمم عن هذه الجنابة الأخيرة، أو إذا وجد الماء فإنه يجب عليه أن يغتسل وإن لم تتجدد الجنابة؛ لأنه كما أسلفنا زوال المبيح للتيمم يوجب انتقاضه. وأما إذا تيمم عن وضوء فهو أيضاً باقٍ على طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء، فإذا وجد ناقض من نواقض الوضوء وجب عليه أن يتيمم عن الوضوء. وعلى هذا فلا فرق بينهما؛ إذا تيمم عن جنابة لا يعيد التيمم لها إلا بوجوب سبب وجوبها، وإذا تيمم للوضوء لا يعيد التيمم له إلا بوجوب سبب لوجوده وهو الحدث الأصغر.
السؤال:
لكن فيما أعتقد أن السائل يقصد بالفرق الفرق في الهيئة أو في الكيفية؛ لأنا كما عرفنا منكم قبل قليل أن التيمم ضربة واحدة يمسح الإنسان وجهه وظاهر الكفين بها، ولكن مثلاً عن الجنابة يكفي ذلك؟
الجواب:
الشيخ: أي نعم؛ التيمم كيفيته عن الجنابة وعن الوضوء واحدة، كيفيته عن هذا وهذا واحدة، ولا فرق بينهما؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم الغائط أو لامستم النساء فإن لم تجدوا ماء فتيمموا﴾. فلا فرق بين هذا وهذا، كل على حد سواء؛ وذلك لأن التيمم فرع، وليس بأصل حتى يلحق به، بل هو فرع طهارة مستقلة. ثم إن المقصود منه إظهار التعبد لله سبحانه وتعالى، وهذا كافٍ في التيمم عن الجنابة وعن الحدث الأصغر.
السؤال:
يقول المستمع: إذا كان على الإنسان أكثر من غسل في البرية وتيمم لهذه الموجبات لعدم الماء ثم وصل بعد وقت إلى المدينة فهل من الأفضل أو من السنة أن يغتسل أم يجب عليه وجوباً الاغتسال عن تلك الجنابة؟
الجواب:
الشيخ: يجب عليه وجوباً أن يغتسل عن الجنابات التي كانت عليه وتيمم عنها، فإذا تيمم عن جنابة من أجل عدم الماء ثم وجد الماء وجب عليه أن يغتسل، وإذا تيمم عن جنابة من أجل المرض ثم برئ من المرض يجب عليه أن يغتسل؛ لأنه كما أسلفنا قبل قليل إذا زال المبيح للتيمم انتقض التيمم ووجب استعمال الماء. وفي الحديث الذي أشرنا إليه قبل: «فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته».
السؤال:
أيضاً يقول: هل يجوز لمن يخرجون في البرية في عطلة الربيع وأمثالها أن يتيمموا لقلة الماء أو لشدة البرد نظراً لأنهم يملكون سيارات ويذهبون بها من خارج المدينة ويعرفون سيقيمون كذا أيام في البرية؟
الجواب:
الشيخ: إذا لم يكن عندهم ماء فإنه يجوز لهم أن يتيمموا عن الجنابة وعن الحدث الأصغر، وأما إذا كانوا يخافون البرد فإن كان عندهم ما يسخنون الماء وجب عليهم تسخينه واستعماله، وإن لم يكن عندهم ما يسخنون به الماء فإنه يجوز لهم أن يتيمموا. وفي هاتين الحالتين إذا وجدوا الماء بعد ذلك وجب عليهم الغسل إن كان تيممهم عن جنابة، والوضوء إن كان تيممهم عن حدث أصغر.
السؤال: لكن مثل هؤلاء كيف يخرجون من المدينة ومعهم السيارات ولا يأخذون ماء؟
الشيخ: قد تكون سيارات غير قابلة لحمل الماء فيها، أو فيها مشقة في حمل الماء، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إن كنتم على سفر ولم تجدوا ماء فتيمموا﴾. وحمل الماء من أجل الوضوء به ليس بواجب؛ لأنه قد يشق على الإنسان.
السؤال: لكن أليس على الإنسان أن يشتري الماء ولو؟
الشيخ: يشتريه إذا حضر وقت الصلاة، قبل ذلك فلا، إذا حضر وقت الصلاة وجب عليه أن يتوضأ.
السؤال: لكن لا يكلف نفسه بحمله؟
الشيخ: أي نعم، لا يكلف نفسه بحمله.
السؤال: إذا كان فيه كلفة شديدة، أما إذا كان عنده وسائل نقل؟
الشيخ: حتى إذا كان عنده وسائل نقل فلا يظهر لوجوب حمله عليه من أجل الوضوء؛ لأنه مأمور بالوضوء إذا حضرت الصلاة، فإذا حضرت الصلاة إن وجد الماء توضأ به وإلا فلا.
السؤال: أيضاً يقول السائل في هذا السؤال بالنسبة لتسخين الماء: إذا كان الإنسان يتكاسل أو قام متأخراً من نومه في البرية ويخشى من فوات الوقت فما الذي يفعل؟ هل يسخن الماء أم يتيمم؟
الشيخ: لا، يجب عليه أن يسخن الماء ولو كان يخشى خروج الوقت؛ وذلك لأن النائم إذا قام فوقت الصلاة في حقه من غار وليس من دخول وقتها لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها». فجعل وقتها عند الذكر بالنسبة للنسيان وكذلك عند الاستيقاظ بالنسبة للنوم، فأنت إذا قمت مثلاً من نومك قبل طلوع الشمس بنحو خمس دقائق أو عشر دقائق إن تيممت أدركت الصلاة في الوقت وإن اغتسلت خرج الوقت، اغتسل ولو خرج الوقت لذلك؛ لأن وقت الصلاة في حقك كان عند استيقاظك من النوم وليس من طلوع الفجر؛ لأنك معذور به.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية