الجواب:
الشيخ: هذه المسألة لها ثلاثة أوجه: إذا جاء الإنسان ووجد أن الصف قد تم فإما أن يصلي وحده خلف الصف، وإما أن يجذب أحداً من الصف ويصلي معه، وإما أن يتقدم يصلي إلى جنب الإمام الأيمن. وهذه الصفات الثلاثة إذا دخلت الصلاة، وإما أن يدع الصلاة مع هذه الجماعة، فما هو المختار من هذه الأمور الأربعة؟ نقول: المختار من هذه الأمور الأربعة أن يصف وحده خلف الصف ويصلي مع الإمام؛ وذلك لأن الواجب الصلاة مع الجماعة وفي الصف، فهذان الواجبان، فإذا تعذر أحدهما وهو المقام في الصف بقي الآخر واجباً وهو صلاة الجماعة، فحينئذ نقول: صل وحدك خلف الصف لتدرك فضيلة الجماعة والوقوف في الصف في هذه الحال لا يجب عليك للعجز عنه، وقد قال الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾. ويشهد لهذا أن المرأة تقف خلف الصف وحدها إذا لم يكن معها نساء وذلك لأنه ليس لها مكان شرعاً في صف الرجال ولما تعذر مكانها الشرعي في صف الرجال صلت وحدها، كذلك هذا الرجل لما جاء والصف قد تم لم يكن له مكان حسي في الصف، فسقطت عنه المصافة حينئذٍ ووجبت عليه الجماعة، فيصلي خلف الصف. وأما أن يجذب أحداً ليصلي معه فهذا لا ينبغي؛ لأنه يترتب عليه ثلاثة محاذير: المحظور الأول فتح فرجة في الصف، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من المرابطة وسد الخلل. والثاني نقل هذا المجذوب من المكان الفاضل إلى المكان المفضول، وهو من الجناية عليه. والثالث تشويش صلاته عليه، فإن هذا المصلي إذا جذب لا بد أن يكون في قلبه حركة وهذا أيضاً من الجناية عليه. أما المسألة الثالثة وهي أن يقف مع الإمام فلا ينبغي له أيضاً أن يقف؛ لأن الإمام لا بد أن يكون متميزاً عن المأمومين بالمكان كما أنه متميز عنه بالسبق بالأقوال والأفعال، فيكبر قبلهم ويركع قبلهم ويسجد قبلهم، ينبغي أن يكون متميزاً عنهم في المكان، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن الإمام يتقدم المأمومين. وهذه مناسبة ظاهرة من كونه متميزاً عنهم منفرداً بمكانه، فإذا وقف معه بعض المأمومين زالت هذه الخاصة التي ينبغي أن ينفرد بها الإمام. أما المسألة الرابعة وهي أن يدع الجماعة رأساً فهذا لا وجه له أيضاً؛ لأن الجماعة واجبة والمصافة واجبة، فإذا عجز عن أحدهما لم يسقط الآخر لعجزه عنه.
سؤال: إذن الأولى أن يصف خلف الجماعة بمفرده ولا يعتد لما صلى مع جماعة قبل أن يأتيه أحد؟
الشيخ : لا يعتد به.
السؤال: يعني يعتد لما أدى مع الإمام ولو كان منفرداً ؟
الشيخ: أي نعم، ولو كان منفرداً؛ لأننا نقول في هذه الحال: سقط عنه وجوب المصافة لعجزه عنه.