السؤال:
هذه الرسالة وردت من المرسل م. ح. ج. من المدينة المنورة، في رسالته هذه مجموعة من الأسئلة، يقول في سؤاله الأول: أرشدونا وفقكم الله إلى ما فيه الخير والصلاح، إذا نذر الإنسان ونسي لا يعلم هل نذر أم لا ماذا يفعل؟ وإذا نذر المسلم نذراً مثل أن قال: لو رزقني الله النجاح هذه السنة فسوف أذبح كبشاً. هل يجوز له أن يوفر لنفسه منه شيئاً أم لا؟ وما المقدار الذي يتصدق به؟
الجواب:
الشيخ: أما السؤال الأول وهو إذا شك الإنسان هل نذر أم لا فليس عليه شيء؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولا وجوب مع الشك، فعلى هذا فلا شيء عليه إطلاقاً. وأما السؤال الثاني إذا نذر أن يذبح كبشاً لنجاحه أو نحوه من المطلوبات التي يطلبها ونذر فإننا نسأله هل تريد بهذا النذر إظهار الفرح والسرور ودعوة الإخوان والانبساط إليهم فإنه يجوز لك أن تذبح هذا الكبش وتدعو إليه من شئت من جيرانك وأقاربك ومعارفك، وإن شئت كفر عن هذا النذر كفارة يمين ولا تذبح الكبش؛ لأن هذا العمل ليس من أمور الطاعة، بل هو من الأمور المباحة، والنذر المباح يخير فيه الإنسان بين أن يفعل ما نذر وبين أن يكفر كفارة يمين. أما إذا كان نذرك هذا الكبش من أجل النجاح ونحوه من مطلوباتك تريد به الشكر لله على نعمته فإنه حينئذٍ يكون عبادة يجب الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه». وعلى هذا يجب عليك أن تذبحه وأن تتصدق به على الفقراء، ولا تدخر لنفسك منه شيئاً؛ لأنه كان لله، وما كان لله فإنه يصرف في الفقراء والمساكين. ولكن تبييناً لهذا السؤال أنا أحذرك أيها الأخ وغيرك من المسلمين، أحذركم من النذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال: «إنه لا يأتي بخيرٍ وإنما يستخرج به من البخيل». والنذر في الحقيقة إلزام الإنسان نفسه بأمرٍ لم يلزمه الله به، وربما ينذر لله تعالى نذراً معلقاً على حصول شيء محبوب إليه، فيحصل هذا الشيء، ثم يتكاسل عن الوفاء بالنذر أو يتهاون به ولا يقوم به، ثم يخشى عليه مما ذكر الله تعالى في عقوبة الذين لم يفوا بنذورهم في قوله تعالى: ﴿ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون﴾. ثم إن النذر ليس هو الذي يأتي بالمطلوب أبداً، فإن الذي يأتي بالمطلوب هو الله عز وجل، فالإنسان يسأل الله تعالى أن ييسر له هذا الأمر الذي يحب دون أن ينذر، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام كما أسلفنا: «إنه لا يأتي بخيرٍ». لهذا أحذر إخواني المستمعين من النذور، والله الموفق.
السؤال: أحسنتم. سؤاله الثاني يقول: إذا كان عليه دين لناس، فهل يسدد الدين أولاً أم يوفي النذر؟
الشيخ: في هذه الحال يبدأ بالأول، إذا كان ماله لا يفي بالجميع فإنه يبدأ بالأول؛ لأن هذا تعلق به النفي.
السؤال: كيف يبدأ بالأول؟
الشيخ: إذا كان الدين سابقاً على النذر قدمه، وإذا كان النذر سابقاً على الدين قدمه؛ لأن هذا يتعلق بالذمة، وما كان متعلقاً بالذمة فإن انشغال الذمة بالأول يوجب أن تكون غير قابلةٍ للانشغال بالثاني حتى يفرغ منه؛ هذا إذا لم ينذر شيئاً معيناً بأن يقول مثلاً: لله علي نذر أن أتصدق بهذه الدراهم أو بهذا الطعام المعين. فإنه في هذه الحال يقدم النذر؛ لأنه عينه، وصار هذا الشيء المعين مشغولاً بالنذر.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية